تهديدات ترامب النارية- أحلام الضم وجحيم الشرق الأوسط القادم.

المؤلف: حمود أبو طالب10.21.2025
تهديدات ترامب النارية- أحلام الضم وجحيم الشرق الأوسط القادم.

في خضم الهدوء والاستجمام الذي يغلف عطلة الأعياد واحتفالات نهاية العام، ينبض ركن من أركان أمريكا بالديناميكية السياسية والمفاجآت المتلاحقة. ففي بالم بيتش بولاية فلوريدا، تحول منتجع مارا لاغو، مقر الرئيس المنتخب دونالد ترمب، إلى منصة لإطلاق التصريحات الحادة التي تصدح في أرجاء المعمورة، والتي تبدو بمثابة النمط الجديد والمعدل للفترة الرئاسية المقبلة، والتي ستنطلق عقب حقبة درامية غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات الأمريكية. الرئيس المنتخب يشرع في التلويح بسياسة التهديد والوعيد تجاه مختلف الجهات، حيث طال التهديد دولاً عديدة، ولكن من بين أكثر تصريحاته إثارة للدهشة، ما أطلقه قبل أيام دون أدنى تردد أو حذر بشأن رغبته في ضم غرينلاند "التي أوفد إليها ابنه في زيارة استكشافية" وقناة بنما، علاوة على ذلك، ضم كندا لتصبح الولاية رقم 51، مشيداً بالمزايا التي ستعود على كلا البلدين من هذا الضم. لقد كنا نتوقع أن يكتفي الرئيس المنتخب بتهديداته الاقتصادية للصين والمكسيك وكندا بفرض ضرائب ورسوم جمركية باهظة، إلا أن أجواء مارا لاغو الساحرة يبدو أنها دفعته إلى التمادي في تصوراته لتصل إلى ضم دولة كبيرة مجاورة وعضو في الأمم المتحدة، تتربع على مساحة تقارب 10 ملايين كيلومتر مربع ويقطنها ما يزيد على 41 مليون نسمة. بغض النظر عما لن يتحقق بالنسبة لكندا، وبغض النظر عن الجبهات الأخرى التي سيخوضها، يهمنا تأكيده الحازم بتحويل منطقة الشرق الأوسط إلى بؤرة من الجحيم إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس قبل استلامه مقاليد الحكم في البيت الأبيض. لا ندرك أي نوع من الجحيم يكمن في تصورات السيد ترمب هو أشد وطأة من الجحيم الذي حل بغزة ولبنان والضفة الغربية وسورية وما زال مستمراً، وإذا ما أضفنا إلى ذلك ما يجري في اليمن والعراق والسودان وليبيا فإن منطقة الشرق الأوسط بأسرها غارقة في جحيم حقيقي يفوق التصور. لقد صرح ترمب سابقاً بأنه سيعمل على إنهاء الحروب المشتعلة، إلا أنه الآن يلوح بالجحيم لأن إسرائيل هي جوهر المعادلة دون الالتفات إلى الجحيم الذي ألحقته بقطاع غزة الذي دمر عن بكرة أبيه وأضحى غير صالح للحياة. حكومة نتنياهو تعرقل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين في غزة، وتتوسع في الضفة الغربية وتستولي على المزيد من الأراضي السورية في خرق لاتفاق فك الاشتباك، وتتمادى في استخدام القوة في أجزاء من المنطقة بوقاحة، وبالتالي فإنها الطرف الذي يجب ردعه وإجباره على التوقف عن هذه السياسة ليتسنى التوصل إلى اتفاق مقبول بشأن وقف الحرب وعودة الرهائن، كما يجب أن يعي الرئيس ترمب أن إسرائيل بهذا التوسع وتغيير الحقائق على الأرض تتطلع إلى تعقيد إمكانية تحقيق رغبته في إخماد الحروب والمنازعات إذا كان صادقاً في ذلك. لا تزال هناك فرصة سانحة أمام الرئيس ترمب للإسهام في إخماد الجحيم المستعر، ويستطيع تحقيق ذلك إذا تعامل مع الأمور بموضوعية وحيادية بعيداً عن الرواية الإسرائيلية، وإلا فإن الأمور ستؤول إلى مزيد من التدهور.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة